القائدتقيمات

الشبيبة التي تقود الواجب الإنساني التاريخي ستحقق النصر

في المجتمع الهرمي هناك موضوع هام جداً يتوجب الوقوف عليه، ألا وهو: ربط كبار السن ذوي الخبرة والتجربة للشبيبة بأنفسهم وقمعهم بمختلف الأشكال. واصطلاحاً يُقال لهذه الحقيقة: جرونتوقراطي. إن تجربة الإنسان المسن تجعله صاحب قوة، ولكن في ذات الوقت يكون واهناً، ضعيفاً. ولهذه الأسباب يكون المسنون مجبرين على وضع الشبيبة في خدمة أنفسهم. ولكي يستطيع الكهول تحقيق ذلك فهم يلعبون بعقول الشبيبة وبأفكارهم، ويسيطرون على كافة حركات الشبيبة. والمجتمع الأبوي يستمد القوة من هذه الحقيقة. فهو يستخدم قوة وجسد الشبيبة كيفما يريد، وهذه الحاجة إلى الشبيبة ما تزال مستمرة حتى يومنا هذا وبدرجة أكبر. إن السيطرة الإيديولوجية والتجاربية لا يمكن كسرها بسهولة، ومطلب الشبيبة في الحرية يستمد قاعدته من هذه الحقيقة التاريخية. من العلماء القدامى وحتى علماء اليوم ومؤسساتهم، يتم إخفاء المعلومات التي يطلقون عليها اسم الاستراتيجية والحساسة عن الشبيبة. والمعلومات التي يسمحون بها فهي أكثر ما تكون تخديرية وتركز على الحاجة للشبيبة أو عندما يعطون المعلومة فهم لا يفصحون عن الأسلوب، كتكتيك ثابت. إن ما تطبقه الأنظمة القمعية وسياسات الدعاية والأيديولوجية والتكتيكات بحق المرأة، يتم تطبيقها وتجربتها على الشبيبة أيضاً.
إن مطلب الشبيبة بالحرية لا يأتي من أعمارهم، بل من الوضع القمعي للمجتمع. إن الكلمات مثل الجاهل، الصائع والسكران وغيرها، يتم استخدامها من أجل تصغير الشبيبة والحط من شأنهم، وليس لها أي ارتباط مع الحقيقة. وأيضاً كي لا تتوجه قوة الشبيبة صوب النظام وكي لا يتعرض النظام القمعي للضرر يتم إشغال الشبيبة بالجنس وربطهم بقوالب ضيقة. إن الشبيبة المتوجهة نحو الحرية لا يمكن سد الطريق أمامها، فالشبيبة هي أكثر فئة تضايق الأنظمة، ولأن هذا الأمر معروف على مرّ التاريخ، دائماً ما كانت فئة الشبيبة تُقدم كقرابين وتتعرض لضغوط لا تخطر على بال البشر ولا حتى في الأحلام، وكل ذلك تحت مسمى التدريب. إن إيصال الشبيبة بعد المرأة إلى هذا الوضع يلعب دوراً واضحاً في تعاظم المجتمع الهرمي. فالنظام الذي سيطر على الشبيبة بشكل كامل يكون واثقاً من نفسه تماماً، وبعد ذلك جاءت الأنظمة الدولتية وهي أيضاً فرضت ممارساتها بنفس الشكل على الشبيبة. إن الشبيبة التي تم تثبيط عقلها وغسله، يمكن لها القيام بأي عمل يتم توجيهها إليه. وتستطيع القيام بكافة الأعمال الصعبة ومن بينها القتال والحرب. لذا يتم تنفيذ كافة الأعمال والأنشطة الصعبة بالشبيبة في الدرجة الأولى. وبشكل مختصر يمكن القول إن الإنسان يضعف مع التقدم في العمر ولكنه يكتسب القوة عبر التجارب التي يكتسبها. وكبار السن يزيلون ضعفهم مع التقدم بالسن عبر قوتهم المستمدة من التجارب، ولذلك يسيطرون على قوة الشبيبة ويستعملونها لصالحهم. هذه الحقيقة التي وضعت أسسها في النظام الأبوي ما تزال مستمرة حتى يومنا الحاضر.
يجب الإشارة مرة أخرى إلى أن الشبيبة لا يعبرون عن قوة فيزيائية، بل هم حقيقة اجتماعية، فكيفما أن المرأة ليست موضوعاً فيزيائياً بل حقيقة اجتماعية، فكذلك هي الشبيبة أيضاً. أحد الوظائف الأساسية للعلوم الاجتماعية هو ضرورة الوقوف على هذه المواضيع وتصحيح الحقائق التي تم إهمالها وقلبها. وفي هذا السياق يجب الوقوف على موضوع الأطفال ، وبطبيعة الحال فأن النظام الذي يسيطر على المرأة والشبيبة فأنه يسيطر على الأطفال   حتى وإن كان بطريقة غير مباشرة. من المهم جداً الكشف عن المواقف العكسية للأنظمة الحامية للدولة والهرمية ضد الأطفال. ونظراً لوضع الأم فأنه من غير الممكن أن يتلقى الطفل التدريب على أسس صحيحة، لذلك فأن هذا يُدخل مستقبل المجتمع في دوامة ويقلبها رأساً على عقب. يتم بناء نظام قمعي ولا شرعي للتدريب خاص بالأطفال. النظام يسعى بطرق مختلفة لجعل الأطفال وهم في المهد محتاجين. فقول: “كيفما يكون بعمر 7 سنوات سيكون كذلك حتى بعمر 70 سنة” يعبر عن هذه الحقيقة. يتم إبقاء حضن الحياة الحرة للمجتمع الطبيعي دائماً حلماً بالنسبة للأطفال، ولا يتم السماح أبداً للأطفال أن يعيشوا هذه الأحلام. إن إحدى الوظائف الأصلية هي أن يحقق الإنسان الأحلام الطبيعية للأطفال.
إن الجواب الأول المشترك للإجابة على أسئلة: كيف يجب على المرء أن يعيش، ماذا يفعل ومن أين يبدأ؟، يجب أن يبدأ من داخل النظام وعلى أساس معاداته. ولكن معاداة هذا النظام من داخله، وفي مستوى المعرفة القديمة يحتاج إلى مناضل من أجل الحقيقة والذي يمكن أن يفقد الإنسان حياته فيها في أي لحظة. أسئلة كيف يجب على المرء أن يعيش ومن أين يبدأ، يجب الإجابة عليها بشكل متداخل، لذا يجب عليك أن تمزق حياة الحداثة التي تم إلباسها لك كثوب المجانين والمدرع المحصن، وأن تنفر منه وتتركه. وعندما تستدعي الحاجة، فأنك ستتقيأ في كل لحظة، وستنظف قلبك، المعدة، العقل والجسد من هذه الحياة. حتى وإن عرضت نفسها عليك كأجمل ما يكون في هذا العالم، يجب عليك أن ترد عليها عبر التقيؤ من الداخل والبطن. وإذا أراد المرء أن يجيب على سؤال: ماذا يجب على المرء أن يفعل؟ مع السؤالين متداخلين معاً، يجب على المرء أن يقول: أنا في نضال مستمر ضد النظام. والإجابة على سؤال ماذا يجب على المرء أن يفعل هو العمل المسبق والمنظم.
وعلى هذه الأسس، فأن المرأة والشبيبة هم من يجب عليهم أن يتبنوا الثورة والأمة الديمقراطية في المستوى الأول، وبالتالي فأن تبني الحرية الوقوف بوجه العبودية هو الواجب الأساسي للشبيبة في كل وقت. والمشاركة في كافة ساحات المجتمع سيكون الرد على البحث عن الحرية والحقيقة بوجه إبقاء النظام بدون تفكير وأيديولوجية. وكيفما تم استخدام الشبيبة كأداة في النظام، فأنه تم إبعاده من السياسة أيضاً. وإذا تم بناء سياسة أخلاقية فأنه بدون أدنى شك سيكون بأيدي الشبيبة والمرأة. وإذا تحرك المجتمع على هذه الأسس فأنه سيحرر حياته المستقبلية بشكل صحيح، وسيعيش كذلك.
إن الشبيبة هم أصحاب المبادرة، لذا يجب عليهم أن ينظموا أنفسهم بشكل خاص. وعليهم أن ينظموا أنفسهم في كل شارع، وفي كل حي وفي كافة الجبهات على أسس المجتمع الأخلاقي والسياسي. وعبر تنظيمهم هذا يجب عليهم أن يبنوا تنظيمهم الجوهري طويل الأمد وذو المعنى القابل للتغيير، وذلك وفق الشروط الموضوعية. وبهذا الشكل أرسل رسالة إلى الشبيبة: أنتم تعلمون أن المئات من الشبيبة يتوهون في الطرق السيئة، ومع تنظيم كل شاب وشابة فأنه يجب تحريرهم من قبضة النظام الهمجي للرأسمالية. وهذا سيكون الرد التاريخي بوجه الذهنية السلطوية.
بالشبيبة بدأنا وبالشبيبة سننتصر …
القائد آبو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى